فصل: الفصل الأول كلام كُلّي في العصب والعضل والوتر والرّباط:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.الجملة الثانية العضل:

وهي تسعة وعشرون فصلًا:

.الفصل الأول كلام كُلّي في العصب والعضل والوتر والرّباط:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
لما كانت الحركة الإرادية. إلى آخر الفصل.
الشرح:
غرضه الآن بيان فائدة كل واحد من هذه الأعضاء.
قوله: إذ كانت العظام صلبة والعصب لطيفًا.
يريد باللطيف ها هنا الرقيق الدقيق الصغير الحجم وكان كذلك لا يحسن اتصاله بالصلب لأن الصلب يلزمه أن يكون ثقيلًا والثقيل لا يقوي اللطيف على إقلاله ويريد بهذا أن العظام مع كونها صلبة كبيرة المقدار إذ لو كانت صغيرة جدًّا لم يكن إيصال العصب بها ضارًا لكن الصغير وإن كان صلبًا فهو خفيف لقلة جرمه.
قوله: ولما كان الجرم الملتئم من العصب والرباط على كل حال رقيقًا إنما كان كذلك لأن هذا الرباط لا يجوز أن يكون غالبًا على العصب جدًّا وإلا كان ثقيلًا وكان العصب فهولا محالة يحمله عند تحريكه فيعود المحذور المذكور. والعصب لا بد وأن يكون دقيقًا لما ذكره بعد هذا. ويلزم ذلك أن لا يكون المجتمع منهما غليظًا جدًّا.
والأولى أنه كان يقول: والقوة المحركة إنما هي في العصب.
فلو لم يحدث العضل لكان العصب إذا حمل حركة العضو احتاج إلى حمل ما معه من الرباط وجذبه إلى جهة مبدئه فيكون ذلك زيادة ثقل على العضو المتحرك فلا بد من حدوث العضل حتى يكون جذب العصب إلى موضعها فتكون المسافة قريبة فيكون في ذلك أمن من انقطاعها الذي أو جبه بعد المسافة وزيادة الثقل حينئذٍ محتملة لأنها حينئذٍ يسيرة جدًّا بالنسبة إلى الوهن الذي كان يوجبه بعد المسافة.
وفائدة حشو العضلة باللحم أن يبقى وضع أليافها محفوظًا وإنما جعل من اللحم لأنه لو جعل من عضو صلب لم يمكن تقلص تلك الليف عند إرادة تحريك العضو.
ولو جعل من الشحم ونحوه لكان يزيد تلك الألياف بردًا فجعل من اللحم لأنه مع لينه يسخن تسخينًا معتدلًا لبرد العصب والرباط وإنما جعل في وسط العضلة كالمحور من جوهر العصب ليكون جوهر العصب ليس بكثير الانتعاش فيضعف وإنما جللت العضلة بالغشاء ليكون لها حس من خارج ولا بد وأن يكون الرباط الذي يحدث منه ومن العصب العضلة رباطًا متصلًا بعظم قريب منها حتى تكون مرتبطة بها فلا يزول عن مكانها عند جذب الوتر ذلك العضو المتحرك.
والله ولي التوفيق.

.الفصل الثاني تشريح عضل الجبهة:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
من المعلوم أن عضل الوجه.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
قوله من المعلوم أن عضل الوجه على عدد الأعضاء المتحركة في الوجه يريد أن أنواعها على عدد الأعضاء المتحركة أعني المتحركة بذاتها بعضل يخصها وأما ما يتحرك بالغرض كحركة عضو تبعًا لحركة آخر أو بالذات ولكن بشركة عضو آخر فإنه لا يلزم أن يكون له نوع من العضل على حدة ولا يلزم أيضًا أن يكون عدد أشخاص العضل على عدد الأعضاء المتحركة بذواتها وبانفرادها إذ قد يكون لعضو واحد عضلتان.
وثلاثة تحركه حركة واحدة وذلك بأن تكون حركته تلك بفعل الكل جملة أو بفعل بعضها بدلًا من البعض وإنما يلزم ذلك أن تكون الأنواع على عدد تلك الأعضاء وأعني بهذه الأنواع التي تكون نوعيتها بالإضافة إلى الأنواع المختلفة كقولنا عضل حركة الخد وعضل حركة الصدر ونحو ذلك.
وإن كان الكل من حيث هو عضل نوعًا واحدًا وإنما كانت عضلة الجبهة رقيقة لِأن العضو المتحرك بها وهو الجلد خفيف فلا تكون محتاجة إلى كثير من جرم الرباط والعصب وإنما كانت مستعرضة ليمكن أن تعم جميع أجزاء الجلد لأن هذه العضلة نحرك العضو المتحرك بها بغير وتر بل بذاتها وإنما كان كذلك لأن تحريكها له لو كان بوتر لكان ذلك الوتر إما أن ينبسط طرفه حتى يلاقي جميع أجزاء الجلد أو لا يكون كذلك.
فإن كان الثاني لم يلزم من تحريكها إلا تحريك الجزء الذي يتصل به ذلك الوتر إذ الجلد شديد القبول للتمدد فإذا انجذب منه جزء لم يلزم ذلك انجذاب باقيه.
وإن كان الأول لم تكن حاجة إلى ذلك الوتر إذ هذا الاتصال يمكن حصوله من ألياف العضلة من غير حاجة إلى وتر يزيد في ثخنها فيزيد في نتوء الجبهة ويكون ذلك منكرًا في الخلق وإنما كانت هذه العضلة غشائية لأنها لرقتها وقلة اللحم فيها تكون كالغشاء.
وإنما كانت شديدة المخالطة للجلد لأنها تحتاج أن تكون ملاقية لجميع أجزائه حتى يكون تحريكها لجميع الأجزاء جملةً واحدةً. والله ولي التوفيق.

.الفصل الثالث تشريح عضل المقلة:

وأما العضل المحركة للمقلة.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
إنما يتم الإبصار كما بيناه في موضعه بأن يصير الثقب العيني مواجهًا للمرئي.
وعلى سمته حتى يتأدى شبحه إلى هناك.
وهذه المواجهة قد تتحقق بحركة المرئي وذلك قد لا يتأتى في كل وقت. أو يكون عسرًا.
وقد يتحقق بحركة الرائي وهو أسهل وأسهل ذلك أن يكون المتحرك هو المقل نفسها مع بقاء البدن على وضعه.
فلذلك ينبغي أن يكون للمقلة تمكن من جميع الحركات التي تتحقق معها مواجهة المرئيات.
وهذه الحركة إما أن تكون مستقيمة أو مستديرة.
فإن كانت مستقيمة فلا بد وأن تكون إلى جهة لكن الجهات ست: اثنان منها لا يحتاج إليهما وهما: الخلف والقدام. لأن المواجهة تتحقق بدونهما لأنها إنما تتوقف على المسامتة.
وهي لا تختلف مع القرب والبعد فتبقى الجهات التي تحتاج المقلة أن تتحرك بالاستقامة إلى واحدة منها أو إلى أكثر من واحدة أربعًا وهي: الفوق والأسفل واليمين واليسار.
فلذلك حركة المقلة بالاستقامة إما إلى جهة واحدة فتكون إلى إحدى هذه الجهات وكل واحدة منها إنما تكون بعضلة تحركها إلى تلك الجهة فتحتاج لذلك إلى أربع عضلات أو إلى أكثر من جهة واحدة.
ولا يمكن أن يكون ذلك إلى أكثر من جهتين وإلا لزم أن تكون الحركة في حال واحدة إلى جهتين متضادتين ولا شك أن ذلك محال فينبغي أن تكون جهتين فقط.
فالمحركة إلى فوق إما أن تكون مع ذلك إلى اليمين أو إلى الشمال وكذلك المحركة الأسفل فيكون من ذلك أربع حركات ولكن هذه الحركات لا يحتاج فيها إلى عضلات غير تلك الأربع.
وذلك لأن الحركة إلى اليمين والفوق تحصل بفعل العضلتين المحركتين إلى هاتين الجهتين.
وكذلك الباقي فلذلك تتم حركات المقلة المستقيمة كلها بأربع عضلات وأما حركاتها على الاستدارة. فإنما يمكن على وجهين فقط فلذلك تتم بإحدى عضلتين. فلذلك كانت العضلات المحركة للمقلة ستًا. وقد قيل إنها خمس وهو ظاهر الفساد.
وأما العضل التي تدعم العصبة المجوفة من وراء المقلة من الجحوظ المفرط عند التحديق القوي كما عند تكلف رؤية الأشياء الصغيرة جدًّا من بعد فقط قيل إنها عضلة واحدة بسيطة.
وهو المشهور والحق. وقيل بل واحدة مركبة من عضلتين.
وقيل بل ثلاث عضلات وقيل إنها ليست واحدة بل اثنتان وقيل ثلاث. والله أعلم بغيبه.

.الفصل الرابع تشريح عضلات الجفن:

والكلام يشتمل فيه على بحثين:

.البحث الأول السبب في أن الجفن المتحرك هو الأعلى في الإنسان ونحوه هو الجفن الأعلى:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما الجفن فلما كان.
إلى قوله: ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتي الارتفاع.
الشرح:
كل حيوان فإما أن لا يكون له عين ظاهرة كالخلد.
فهذا ظاهر أنه لا يحتاج إلى جفن البتة فضلًا عن حركة الجفن أو تكون له عين ظاهرة فإما أن يكون جلده صلبًا كما في السمك فهذا لا يمكن أن يكون له جفن يتحرك فلا يكون له تغميض فلا بد وأن تكون عينه صلبة لتكون بعيدة عن قبول الآفات أكثر أو لا يكون جلده صلبًا.
فإما أن يكون من الطيور أو لا يكون كذلك فإن كان من الطيور كان الجفن المتحرك منه هو الجفن الأسفل وهذا إما أن يكون من الجوارح فيكون مع ذلك بعينه غشاء صفاقي يتحرك من تحت الجفن يغطي به الحدقة تارة ويكشفها أخرى أو لا يكون من الجوارح فلا يكون له ذلك.
فإن كان الحيوان الذي جلده لين ليس من الطيور فلا بد وأن يكون جفنه المتحرك هو الجفن الأعلى.
وذلك لأن المتحرك لو كان هو السافل لكانت العضل المشيل له إلى فوق إما أن يتصل بطرفيه أو بأحدهما فلا يلزم من رفع ذلك رفع وسط الجفن فلا يتم تغميض العين بل يبقى الموضع الذي الحاجة إلى ستره أشد وهو موضع الباصر مكشوفًا أو يكون اتصال ذلك العضل بوسط الجفن فيلزم ذلك ستر موضع الباصرة بالوتر النازل دائمًا.
وذلك مبطل لفائدة العين.
فلذلك كانت حركة الجفن الأسفل في هذا الحيوان مما لا يجوز البتة فوجب أن يكون المتحرك هو الجفن الأعلى.
قوله: لكن عناية الصانع مصروفة إلى تقريب الأفعال من مبادئها وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها على أعدل طريق وأقوم منهج إن عني ها هنا بالأقوم ما هو أكثر استقامة فذلك ممنوع فإن التعريج قد يكون أو فق وخصوصًا الأعصاب الدماغية المحركة.
فإنها بكونها محركة تحتاج أن تكون صلبة وكونها دماغية يوجب لها أن تكون لينة فتحتاج إلى تعريج مسلكها لتطول المسافة فتصلب ولو سلم له ذلك لم يفده لأن المتحرك سواء كان الجفن العالي أو السافل فلا بد من عضل نحو الأسفل يحيط الجفن وعضل من فوق يرفعه.
والله ولي التوفيق.